لعمر بن الخطاب منزلة عظيمة ومكانة رفيعة أيضا في رفع صرح الإسلام . كان عمر الخليفة العادل [رضي الله عنه] يؤدي الحقوق إلى أصحابها , وكان زاهدا وعابدا ناسكا , قويا أمينا , هو بحق إمام المتقين .فعمر شخصية فريدة في نوعها فذة , عظمة في بساطة , يقين في قوة , قوة في عدل , ورحمة ورأفة بجميع المسلمين .
قوته وبطشه
كان عمر في الجاهلية تاجرا مشهورا من أشراف قريش , وكان سفيرا لقريش في الحرب والسلم , والغريب أنه كان من أشد الناس عداوة لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] , لدرجة أنه كان يعذب جارية بني مؤمل حتى اشتراها أبو بكر وأعتقها .
إسلامه رضي الله عنه
خرج عمر يسعى إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يبغي قتله , بعدما هاجر المسلمون إلى الحبشة ، فقابل صديق له ، فلما علم عمر قال له : (( ألا تذهب لقتل أختك وزوجها سعيد بن زيد فقد أسلما)) فأسرع إليهما والغضب يكاد يذهب بعقله ، فلما دخل عليها وكان عندها قوم يقرأون القرآن فاختبئوا منه رعبا وخوفا ، فضرب شقيقته وزوجها فلما رأى الدم يسيل من وجه شقيقته أخذته الرأفة بها فقال لها ((أريني الصحيفة التي كانت معك)) فرفضت فاطمة بنت الخطاب أن تعطيها له حتى يتوضأ ويغتسل ، فجعل فأعطته الصحيفة فتغير حال عمر حين قرأ القرآن .
بسم الله الرحمن الرحيم
(طـه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى (2) إلا تذكرة لمن يخشى (3)) [ طــه : ا-3]
وأشرق نور الإيمان في قلب عمر حين قرأ القرآن ، فأسلم عمر وأعلن إسلامه ، وذهب إلى أبى جهل وأخبره أنه تبع دين محمد [صلى الله عليه وسلم] ، دين الحق ، وكان إسلام عمر بعد إسلام حمزة عم الرسول [صلى الله عليه وسلم] بثلاثة أيام . كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يدعو الله أن يعز ويؤيده بإسلام عمر ، وبإسلام حمزة وعمر أصبح المسلمون يجهرون بإسلامهم وصلاتهم .
هجرة عمر رضي الله عنه إلى المدينة
حين هاجر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى المدينة ومعه أبو بكر ، أخذت قريش تؤذي وتمنع من يخرج للهجرة من المسلمين ، ولكن عمر [رضي الله عنه] هاجر وهو متقلد سيفه ، وقد حمل قوسه وأسهمه في يده وذهب إلي الكعبة وطاف سبعا ثم صلى ركعتين عند المقام ودار يحول أشراف مكة واحدا واحدا ، وهم يومئذ أهل شرك ، وقال لهم : ((من أراد أن تثكله أمه (أي تفقده) وييتم ولده ، وترمل زوجته ، فليحقني وراء هذا الوادى فما تبعه أحد فليحقني وراء هذا الوادي)) فما تبعه أحد.
شهد الفاروق عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] كل الغزوات مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] . وحين حضرت أبو بكر [رضي الله عنه] الوفاة ، أوصى بالخلافة من بعده لعمر بن الخطاب [رضي الله عنه] . وكان عمر قد وضع دستور للناس كله عدل وصدق وأمان ، فها هو يقول للناس ((إن الله قد ابتلاكم بي وابتلاني بكم ، وأبقاني فيكم)) . وأخبر الناس أن سوف يحسن إلي من أحسن ، ويعاقب من يسيء ، وطلب منهم إذا رأوا فيه اعوجاجا أن يقوموه . فقال له أحدهم: ((والله لو رأينا فيك إعوجاجا لقومناك بسيوفنا)) . فلم يغضب عمر قائلا ((الحمد لله الذي جعل الأمر شوري بينكم وبيني)) .
خلافة عمر العادل الزاهد
لعمر بن الخطاب موقف غاية في الإنصاف والعدل . جاء أحد المصريين إلى الخليفة العادل عمر [رضي الله عنه] يشكو عمرو بن العاص وابنه الذي كان بينهما سباق بالخيل , فسبق المصري ابن عمرو بن العاص. فلما غضب ابن عمرو بن العاص قام بضرب المصري بالسوط وهو يقول له (خذها وأنا ابن الأكرمين)). فذهب المصري إلى الخليفة العادل عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] لكي يشكو إليه ما فعله ابن عمرو بن العاص , فأرسل عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] إلي عمرو بن العاص وابنه ليحضرا إليه. . . فلما وصلا إليه وقدما عليه أعطى للمصري سوطا وطلب منه أن يضرب ابن عمرو بن العاص وهو يقول له : ((اضرب ابن الأكرمين, فأخذ المصري السوط وضرب ابن عمرو بن العاص)). وقال عمر قولته الشهيرة (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً)).
وجعل لكل فرد في الدولة راتباً يكفيه, كما كان يعفي من أهل الكتاب من لا يستطيع دفع الجزية, بينما كان يسير وهو في المدينة وثوبه به أكثر من عشرين رقعة.
لعمر قصة شهيرة مع أحد الرعية, وقف ذات يوم على المنبر ليخطب في الناس , فقال له أحدهم(والله لا نستمع إليك وقد ميزت نفسك علينا يا أمير المؤمنين, فأعطيت لكل واحد منا جلباباً واحداً وأخذت لنفسك جلبابين)), فنادى عمر رضي الله عنه على ابنه عبد الله ليقول له ( يا عبد الله, من صاحب الجلباب الثاني؟)) فيقول عبد الله(إنه لي يا أمير المؤمنين, ولكنى تركته لك)) فأكمل عمر(وانتم كما تعلمون أنني رجل طوال"طويل القامة" وكان الجلباب الأول قصيراً ,فأعطاني ولدي جلبابه فأطلت به جلبابي)) فيعتذر إليه الرجل وهو يقول له (الآن نسمع لك يا أمير المؤمنين ونطيع)).
صفاته رضي الله عنه
كان عمر قوياً في الحق, رحيماً بالفقراء والمساكين, وكان ذا شخصية مهيبة, ورغم ذلك كان سريع البكاء والخشوع بين يدي ربه , وصاحب فراسة نادرة وعجيبة, فذات مرة حدث أنه كان يخطب خطبة الجمعة والناس يستمعون إليه إذ به ينادي بأعلى صوته(يا سارية الجبل"أي الزم الجبل وأعط ظهرك إليه لكي تحذر عدوك من خلفك"ومن استرعى الذئب ظلم)).وعاد يكمل خطبته وصلى بالناس. وبعد الصلاة سأله علي [رضي الله عنه] (سمعناك تنادي"يا سارية الجبل" ؟)). فقال عمر((أو سمعتني يا علي؟)), فقال علي بن أبي طالب ((وكل من في المسجد سمعك)),فقال عمر [رضي الله عنه] ((لقد رأيت كأن المشركين التفوا حول المسلمين وكادوا يهزمونهم, وهم يمرون بجبل, فلو اتجهوا إليه انتصروا على المشركين, وإن تركوه هلكوا وانهزموا, فصحت بهم "الجبل الجبل")). وبعد مرور شهر على تلك الخطبة جاءه البشير فقال لهم ((إنهم سمعوا في ذلك اليوم صوتاً يشبه صوت عمر بن الخطاب وهو يقول "يا سارية الجبل الجبل" واتجهنا إليه, وفتح الله علينا بالنصر)).
الزهد والتقشف والورع والنزاعة
في عام الرمادة, كان هذا العام هو عام المجاعة الشديدة, أمر عمر بذبح جزور وتوزيع لحمه على أهل المدينة, فأُبقيَ لأمير المؤمنين جزء طيب من لحمه وعند الغداء وضع أمامه, فقال(بئس الوالي إن أكلت أنا أطيب ما فيها وتركت للناس عظامها)) وأمر فرفعت من أمامه وطلب الخبز والزيت.
في إحدى جولاته التفـتيشية التي كان يفاجئ بها الأسواق وجد أبلاً سمينة, فسأل لمن هذا؟ فقالوا(إنها إبل عبد الله بن عمر)) فانتفض عمر بشدة وأرسل في طلب ابنه عبد الله .وسأله(من أين لك بثمنها؟)) فقال عبد الله(اشتريتها بمالي لأتاجر فيها)) فقال عمر(ارجعها إلى بيت مال المسلمين, وخذ ما دفعته فيها فقط)) .
وعبد الله بن عمر [رضي الله عنهم] كان من الأتقياء الصالحين, وهو من رواة الأحاديث. وقد رفض عمر [رضي الله عنه] إلحاح أصحابه كي يوليه منصباً من مناصب الدولة, أو أن يرشحه للخلافة.
تواضعه رضي الله عنه
تذكرون حين وفد بعض التجار إلى المدينة ونصبوا خيامهم على مشارفها, فلما خرج عمر ومعه عبد الرحمن بن عوف ليتفقد أحوال القافلة وجلسا على مقربة من القافلة.وقال عمر لعبد الرحمن [رضي الله عنه] (سنمضي هنا بقية الليل نحرس ضيوفنا)). ولكن سمع صوت بكاء طفل فقام ليتبع الصوت, وقال لأم الطفل(اتقي الله يا هذه, وأحسني إلى طفلك)) فقالت له المرأة(إني أفطمه, ولهذا يبكي)) فقال لها عمر(كيف تفطمينه وهو صغير هكذا؟)) فقالت له المرأة(لأن أمير المؤمنين لا يعطي الراتب للطفل الرضيع ويعطيه للفطيم فقط)) .
ويروى عن عبد الرحمن بن عوف أن أمير المؤمنين عمر في تلك الليلة حين صلى بالمسلمين الفجر لم يستطع الناس أن تتبين قراءته من شدة بكائه. . . وظل يردد(كم قتلت من أولاد المسلمين يا عمر)). وأمر المنادي أن ينادي في الناس (لا تعجلوا بفطام أطفالكم)) فقد أمر أمير المؤمنين لكل وليد براتب وكسوة وطعام .
عدله مع أهل الكتاب
ها هو عمر يسطر أكبر شهادة للإسلام أنه دين التسامح والإخاء والمودة والسلام والرحمة. حدث ذلك حين طلب أساقفة بيت المقدس تسليمها إلى أمير المؤمنين بنفسه, فحضر إليهم وكتب لهم أماناً على أنفسهم وأولادهم وأموالهم وجميع كنائسهم لا تهدم ولا تسكن. وحين أذن مؤذن للصلاة وكان عمر جالساً في كنيسة القيامة خرج مسرعاً ليصلي خارج الكنيسة في الأرض الفضاء أمامها, وقال للبطاركة(لو صليت داخل الكنيسة لأخذها المسلمون من بعدي وقالوا "هنا صلى عمر")).
وكان العهد الذي سطره التاريخ لعمر منذ ألف وأربعمائة سنة ونيف يقول لأهل إيلياء(هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين, أعطاهم الأمان)) .
عمر رضي الله عنه ونظام الحكم
كان عمر هو الذي أنشأ الحكومة وجعل لها الدواوين ونظم فيها الإدارة والقضاء وجعل فيها بيت المال, وهو الذي أشار بوضع علم النحو لحفظ اللغة العربية, كما أنه ألح على أبي بكر في جمع القرآن الكريم وبدأ أبو بكر بجمع القرآن الكريم, ولما توفى أكمل عمر حتى كان عهد عثمان [رضي الله عنه] , فكان المصحف الذي نعرفه الآن .
الخليفة العادل يعظ أحد الرعية
ولكن ما هي قصة الرجل الذي وعظه عمر بلطف وإنسانية ؟؟؟؟
كان هذا الرجل يشرب الخمر, ولما سأل عنه عمر فقيل له(إنه لا يكاد يتركها)). فتألم عمر لذلك فكتب إلى الرجل يقول له((إني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو "غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير" [غافر: 3] )). فلما وصلت الرسالة إلى الرجل أخذ يردد هذه الآية حتى تاب الله عليه. فامتنع عن شرب الخمر, فلما بلغ خبره عمر قال للناس(هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أخاً لكم زل, فسددوا وادعوا الله أن يتوب عليه ولا تعينوا الشيطان عليه)) .
مصر وعروس النيل
ذهب أهل مصر إلى عمرو بن العاص بعدما فتح مصر في شهر بؤونة فأخبروه أن النيل لا يجري بالخير إلا إذا ألقوا فيه عروساً جميلة, إنسانة حية وتكون في أبهى زينة وأجمل ثياب وتتحلى بالحلي, وظلوا يلحون على عمرو بن العاص ثلاثة أشهر كاملة, فأرسل عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب يسأله في أمرهم هذا؟ فأرسل عمر بن الخطاب رسالة قال فيها(من عبد الله عمر إلى نيل مصر, أما بعد فإن كنت تجري من قِبَلك فلا تجرِ, وإن كنت تجري من قِبَل الله تعالى, فنسأل الله العظيم أن يجريك)) وبعدما ألقيت فيه ورقة عمر, أجرى الله النيل ستة عشر ذراعاً .
عدل عمر وحكمته
في أحد الأيام أحضروا لعمر غلماناً قد سرقوا ناقة رجل, ورآهم عمر وأجسامهم ضئيلة وهزيلة, والبؤس باد عليهم, ووجوههم صفراء, فأحضر سيدهم وقال له(لقد كدت أعاقبهم لولا علمي أنك تجيعهم, فلما جاعوا سرقوا, ولن أعاقبهم بل أعاقبك أنت, وعليك أن تقوم بدفع ثمنها إلى الرجل)) وقال للغلمان(اذهبوا ولا تعودوا لمثل هذا مرة ثانية)) .
وفاة عمر رضي الله عنه
وهكذا ظل عمر يحكم بالعدل والإنصاف ويعيش تقشفاً زاهداً حتى كان ذات يوم يصلي بالناس فاختبأ له غلام مـجوسي"من عبدة النار" يسمى أبا لؤلؤة وطعن عمر بخنجر, ولما قبض عليه انتحر .
***رضي الله عن عمر بن الخطاب وعن صحابة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وعن التابعين***
قوته وبطشه
كان عمر في الجاهلية تاجرا مشهورا من أشراف قريش , وكان سفيرا لقريش في الحرب والسلم , والغريب أنه كان من أشد الناس عداوة لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] , لدرجة أنه كان يعذب جارية بني مؤمل حتى اشتراها أبو بكر وأعتقها .
إسلامه رضي الله عنه
خرج عمر يسعى إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يبغي قتله , بعدما هاجر المسلمون إلى الحبشة ، فقابل صديق له ، فلما علم عمر قال له : (( ألا تذهب لقتل أختك وزوجها سعيد بن زيد فقد أسلما)) فأسرع إليهما والغضب يكاد يذهب بعقله ، فلما دخل عليها وكان عندها قوم يقرأون القرآن فاختبئوا منه رعبا وخوفا ، فضرب شقيقته وزوجها فلما رأى الدم يسيل من وجه شقيقته أخذته الرأفة بها فقال لها ((أريني الصحيفة التي كانت معك)) فرفضت فاطمة بنت الخطاب أن تعطيها له حتى يتوضأ ويغتسل ، فجعل فأعطته الصحيفة فتغير حال عمر حين قرأ القرآن .
بسم الله الرحمن الرحيم
(طـه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى (2) إلا تذكرة لمن يخشى (3)) [ طــه : ا-3]
وأشرق نور الإيمان في قلب عمر حين قرأ القرآن ، فأسلم عمر وأعلن إسلامه ، وذهب إلى أبى جهل وأخبره أنه تبع دين محمد [صلى الله عليه وسلم] ، دين الحق ، وكان إسلام عمر بعد إسلام حمزة عم الرسول [صلى الله عليه وسلم] بثلاثة أيام . كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يدعو الله أن يعز ويؤيده بإسلام عمر ، وبإسلام حمزة وعمر أصبح المسلمون يجهرون بإسلامهم وصلاتهم .
هجرة عمر رضي الله عنه إلى المدينة
حين هاجر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى المدينة ومعه أبو بكر ، أخذت قريش تؤذي وتمنع من يخرج للهجرة من المسلمين ، ولكن عمر [رضي الله عنه] هاجر وهو متقلد سيفه ، وقد حمل قوسه وأسهمه في يده وذهب إلي الكعبة وطاف سبعا ثم صلى ركعتين عند المقام ودار يحول أشراف مكة واحدا واحدا ، وهم يومئذ أهل شرك ، وقال لهم : ((من أراد أن تثكله أمه (أي تفقده) وييتم ولده ، وترمل زوجته ، فليحقني وراء هذا الوادى فما تبعه أحد فليحقني وراء هذا الوادي)) فما تبعه أحد.
شهد الفاروق عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] كل الغزوات مع رسول الله [صلى الله عليه وسلم] . وحين حضرت أبو بكر [رضي الله عنه] الوفاة ، أوصى بالخلافة من بعده لعمر بن الخطاب [رضي الله عنه] . وكان عمر قد وضع دستور للناس كله عدل وصدق وأمان ، فها هو يقول للناس ((إن الله قد ابتلاكم بي وابتلاني بكم ، وأبقاني فيكم)) . وأخبر الناس أن سوف يحسن إلي من أحسن ، ويعاقب من يسيء ، وطلب منهم إذا رأوا فيه اعوجاجا أن يقوموه . فقال له أحدهم: ((والله لو رأينا فيك إعوجاجا لقومناك بسيوفنا)) . فلم يغضب عمر قائلا ((الحمد لله الذي جعل الأمر شوري بينكم وبيني)) .
خلافة عمر العادل الزاهد
لعمر بن الخطاب موقف غاية في الإنصاف والعدل . جاء أحد المصريين إلى الخليفة العادل عمر [رضي الله عنه] يشكو عمرو بن العاص وابنه الذي كان بينهما سباق بالخيل , فسبق المصري ابن عمرو بن العاص. فلما غضب ابن عمرو بن العاص قام بضرب المصري بالسوط وهو يقول له (خذها وأنا ابن الأكرمين)). فذهب المصري إلى الخليفة العادل عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] لكي يشكو إليه ما فعله ابن عمرو بن العاص , فأرسل عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] إلي عمرو بن العاص وابنه ليحضرا إليه. . . فلما وصلا إليه وقدما عليه أعطى للمصري سوطا وطلب منه أن يضرب ابن عمرو بن العاص وهو يقول له : ((اضرب ابن الأكرمين, فأخذ المصري السوط وضرب ابن عمرو بن العاص)). وقال عمر قولته الشهيرة (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً)).
وجعل لكل فرد في الدولة راتباً يكفيه, كما كان يعفي من أهل الكتاب من لا يستطيع دفع الجزية, بينما كان يسير وهو في المدينة وثوبه به أكثر من عشرين رقعة.
لعمر قصة شهيرة مع أحد الرعية, وقف ذات يوم على المنبر ليخطب في الناس , فقال له أحدهم(والله لا نستمع إليك وقد ميزت نفسك علينا يا أمير المؤمنين, فأعطيت لكل واحد منا جلباباً واحداً وأخذت لنفسك جلبابين)), فنادى عمر رضي الله عنه على ابنه عبد الله ليقول له ( يا عبد الله, من صاحب الجلباب الثاني؟)) فيقول عبد الله(إنه لي يا أمير المؤمنين, ولكنى تركته لك)) فأكمل عمر(وانتم كما تعلمون أنني رجل طوال"طويل القامة" وكان الجلباب الأول قصيراً ,فأعطاني ولدي جلبابه فأطلت به جلبابي)) فيعتذر إليه الرجل وهو يقول له (الآن نسمع لك يا أمير المؤمنين ونطيع)).
صفاته رضي الله عنه
كان عمر قوياً في الحق, رحيماً بالفقراء والمساكين, وكان ذا شخصية مهيبة, ورغم ذلك كان سريع البكاء والخشوع بين يدي ربه , وصاحب فراسة نادرة وعجيبة, فذات مرة حدث أنه كان يخطب خطبة الجمعة والناس يستمعون إليه إذ به ينادي بأعلى صوته(يا سارية الجبل"أي الزم الجبل وأعط ظهرك إليه لكي تحذر عدوك من خلفك"ومن استرعى الذئب ظلم)).وعاد يكمل خطبته وصلى بالناس. وبعد الصلاة سأله علي [رضي الله عنه] (سمعناك تنادي"يا سارية الجبل" ؟)). فقال عمر((أو سمعتني يا علي؟)), فقال علي بن أبي طالب ((وكل من في المسجد سمعك)),فقال عمر [رضي الله عنه] ((لقد رأيت كأن المشركين التفوا حول المسلمين وكادوا يهزمونهم, وهم يمرون بجبل, فلو اتجهوا إليه انتصروا على المشركين, وإن تركوه هلكوا وانهزموا, فصحت بهم "الجبل الجبل")). وبعد مرور شهر على تلك الخطبة جاءه البشير فقال لهم ((إنهم سمعوا في ذلك اليوم صوتاً يشبه صوت عمر بن الخطاب وهو يقول "يا سارية الجبل الجبل" واتجهنا إليه, وفتح الله علينا بالنصر)).
الزهد والتقشف والورع والنزاعة
في عام الرمادة, كان هذا العام هو عام المجاعة الشديدة, أمر عمر بذبح جزور وتوزيع لحمه على أهل المدينة, فأُبقيَ لأمير المؤمنين جزء طيب من لحمه وعند الغداء وضع أمامه, فقال(بئس الوالي إن أكلت أنا أطيب ما فيها وتركت للناس عظامها)) وأمر فرفعت من أمامه وطلب الخبز والزيت.
في إحدى جولاته التفـتيشية التي كان يفاجئ بها الأسواق وجد أبلاً سمينة, فسأل لمن هذا؟ فقالوا(إنها إبل عبد الله بن عمر)) فانتفض عمر بشدة وأرسل في طلب ابنه عبد الله .وسأله(من أين لك بثمنها؟)) فقال عبد الله(اشتريتها بمالي لأتاجر فيها)) فقال عمر(ارجعها إلى بيت مال المسلمين, وخذ ما دفعته فيها فقط)) .
وعبد الله بن عمر [رضي الله عنهم] كان من الأتقياء الصالحين, وهو من رواة الأحاديث. وقد رفض عمر [رضي الله عنه] إلحاح أصحابه كي يوليه منصباً من مناصب الدولة, أو أن يرشحه للخلافة.
تواضعه رضي الله عنه
تذكرون حين وفد بعض التجار إلى المدينة ونصبوا خيامهم على مشارفها, فلما خرج عمر ومعه عبد الرحمن بن عوف ليتفقد أحوال القافلة وجلسا على مقربة من القافلة.وقال عمر لعبد الرحمن [رضي الله عنه] (سنمضي هنا بقية الليل نحرس ضيوفنا)). ولكن سمع صوت بكاء طفل فقام ليتبع الصوت, وقال لأم الطفل(اتقي الله يا هذه, وأحسني إلى طفلك)) فقالت له المرأة(إني أفطمه, ولهذا يبكي)) فقال لها عمر(كيف تفطمينه وهو صغير هكذا؟)) فقالت له المرأة(لأن أمير المؤمنين لا يعطي الراتب للطفل الرضيع ويعطيه للفطيم فقط)) .
ويروى عن عبد الرحمن بن عوف أن أمير المؤمنين عمر في تلك الليلة حين صلى بالمسلمين الفجر لم يستطع الناس أن تتبين قراءته من شدة بكائه. . . وظل يردد(كم قتلت من أولاد المسلمين يا عمر)). وأمر المنادي أن ينادي في الناس (لا تعجلوا بفطام أطفالكم)) فقد أمر أمير المؤمنين لكل وليد براتب وكسوة وطعام .
عدله مع أهل الكتاب
ها هو عمر يسطر أكبر شهادة للإسلام أنه دين التسامح والإخاء والمودة والسلام والرحمة. حدث ذلك حين طلب أساقفة بيت المقدس تسليمها إلى أمير المؤمنين بنفسه, فحضر إليهم وكتب لهم أماناً على أنفسهم وأولادهم وأموالهم وجميع كنائسهم لا تهدم ولا تسكن. وحين أذن مؤذن للصلاة وكان عمر جالساً في كنيسة القيامة خرج مسرعاً ليصلي خارج الكنيسة في الأرض الفضاء أمامها, وقال للبطاركة(لو صليت داخل الكنيسة لأخذها المسلمون من بعدي وقالوا "هنا صلى عمر")).
وكان العهد الذي سطره التاريخ لعمر منذ ألف وأربعمائة سنة ونيف يقول لأهل إيلياء(هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين, أعطاهم الأمان)) .
عمر رضي الله عنه ونظام الحكم
كان عمر هو الذي أنشأ الحكومة وجعل لها الدواوين ونظم فيها الإدارة والقضاء وجعل فيها بيت المال, وهو الذي أشار بوضع علم النحو لحفظ اللغة العربية, كما أنه ألح على أبي بكر في جمع القرآن الكريم وبدأ أبو بكر بجمع القرآن الكريم, ولما توفى أكمل عمر حتى كان عهد عثمان [رضي الله عنه] , فكان المصحف الذي نعرفه الآن .
الخليفة العادل يعظ أحد الرعية
ولكن ما هي قصة الرجل الذي وعظه عمر بلطف وإنسانية ؟؟؟؟
كان هذا الرجل يشرب الخمر, ولما سأل عنه عمر فقيل له(إنه لا يكاد يتركها)). فتألم عمر لذلك فكتب إلى الرجل يقول له((إني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو "غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير" [غافر: 3] )). فلما وصلت الرسالة إلى الرجل أخذ يردد هذه الآية حتى تاب الله عليه. فامتنع عن شرب الخمر, فلما بلغ خبره عمر قال للناس(هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أخاً لكم زل, فسددوا وادعوا الله أن يتوب عليه ولا تعينوا الشيطان عليه)) .
مصر وعروس النيل
ذهب أهل مصر إلى عمرو بن العاص بعدما فتح مصر في شهر بؤونة فأخبروه أن النيل لا يجري بالخير إلا إذا ألقوا فيه عروساً جميلة, إنسانة حية وتكون في أبهى زينة وأجمل ثياب وتتحلى بالحلي, وظلوا يلحون على عمرو بن العاص ثلاثة أشهر كاملة, فأرسل عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب يسأله في أمرهم هذا؟ فأرسل عمر بن الخطاب رسالة قال فيها(من عبد الله عمر إلى نيل مصر, أما بعد فإن كنت تجري من قِبَلك فلا تجرِ, وإن كنت تجري من قِبَل الله تعالى, فنسأل الله العظيم أن يجريك)) وبعدما ألقيت فيه ورقة عمر, أجرى الله النيل ستة عشر ذراعاً .
عدل عمر وحكمته
في أحد الأيام أحضروا لعمر غلماناً قد سرقوا ناقة رجل, ورآهم عمر وأجسامهم ضئيلة وهزيلة, والبؤس باد عليهم, ووجوههم صفراء, فأحضر سيدهم وقال له(لقد كدت أعاقبهم لولا علمي أنك تجيعهم, فلما جاعوا سرقوا, ولن أعاقبهم بل أعاقبك أنت, وعليك أن تقوم بدفع ثمنها إلى الرجل)) وقال للغلمان(اذهبوا ولا تعودوا لمثل هذا مرة ثانية)) .
وفاة عمر رضي الله عنه
وهكذا ظل عمر يحكم بالعدل والإنصاف ويعيش تقشفاً زاهداً حتى كان ذات يوم يصلي بالناس فاختبأ له غلام مـجوسي"من عبدة النار" يسمى أبا لؤلؤة وطعن عمر بخنجر, ولما قبض عليه انتحر .
***رضي الله عن عمر بن الخطاب وعن صحابة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وعن التابعين***
الأحد يناير 24, 2016 4:56 am من طرف p a t r i o t
» طلب من قسم الاعلام
الجمعة أكتوبر 24, 2014 10:07 pm من طرف أحمد قزمول
» محاضرات سنة رابعة
الأربعاء أغسطس 20, 2014 2:01 pm من طرف قطر الندى
» مقررات قسم المحاسبة
الخميس نوفمبر 22, 2012 1:12 pm من طرف hade_alia
» نوطة محاسبة تكاليف واتخاذ القرارات المنشئية.تامين ومصارف.تعليم مفتوح.تشرين
الأربعاء سبتمبر 12, 2012 2:54 pm من طرف Ranosh
» نجوم أنتي فيروس تحميل نسخة مجانية
السبت سبتمبر 01, 2012 11:12 am من طرف زين1994
» ****المطالبة بدورة استثنائية للتعليم المفتوح****
السبت أغسطس 25, 2012 7:23 pm من طرف سوسلس
» خربشات انثوية
السبت أغسطس 25, 2012 7:19 pm من طرف سوسلس
» الاجابة
السبت أغسطس 25, 2012 7:07 pm من طرف سوسلس
» النتائج لا تنشر
السبت أغسطس 25, 2012 6:45 pm من طرف سوسلس
» اسعفوني
الثلاثاء يوليو 24, 2012 2:49 pm من طرف baset5
» 9اشياء لن يسألك الله عليها
الثلاثاء يوليو 24, 2012 2:44 pm من طرف baset5
» علماء يكتشفون سر وجود مياه في الغلاف الجوي لكوكب زحل
الثلاثاء يوليو 24, 2012 2:12 pm من طرف baset5
» ساعدوني بسرعة
الإثنين مارس 19, 2012 9:54 pm من طرف zaheralesali
» سماعات الامتحانات للبيع بسعر مغري
الأربعاء مارس 14, 2012 7:34 pm من طرف mohamad_assaf
» سماعة الامتحانات حجها 1,2مم للبيع
الأربعاء مارس 14, 2012 7:32 pm من طرف mohamad_assaf
» تشابه بين البنات والحمام؟؟
الخميس فبراير 02, 2012 10:29 pm من طرف moon mahamd
» محاضرات 2011-2012
الخميس فبراير 02, 2012 10:21 pm من طرف moon mahamd
» هام::قوانين إضافة طلبات طلاب التعليم المفتوح!!!
الجمعة يناير 27, 2012 9:23 pm من طرف moon mahamd
» المحذوف من كتاب شركات الاشخاص
الأربعاء يناير 25, 2012 9:30 pm من طرف صـــمــت_الــعـيــون
» المحذوف من كتاب شركات الاشخاص
الأربعاء يناير 25, 2012 9:13 pm من طرف صـــمــت_الــعـيــون
» لاتبكي
الإثنين يناير 23, 2012 12:50 am من طرف صـــمــت_الــعـيــون
» انكسر قلبي
السبت يناير 21, 2012 10:46 pm من طرف صـــمــت_الــعـيــون
» قصة حب >>تجعلك تعرف معنى الحب>>>
السبت يناير 21, 2012 10:27 pm من طرف صـــمــت_الــعـيــون
» ما هو رأيك في شكل أو تصميم المنتدى..؟؟
الجمعة يناير 20, 2012 10:51 pm من طرف صـــمــت_الــعـيــون
» مرحباااااااا
الأحد يناير 08, 2012 3:46 pm من طرف زهرةالفرات
» أمثال سورية (عربي / إنكليزي)
الثلاثاء ديسمبر 06, 2011 1:03 am من طرف memo1991
» ابتسامة
الثلاثاء ديسمبر 06, 2011 12:53 am من طرف memo1991
» انا مش عرفني
الثلاثاء ديسمبر 06, 2011 12:51 am من طرف memo1991
» سماتك الشخصية من فصيلة دمك
الثلاثاء ديسمبر 06, 2011 12:46 am من طرف memo1991
» بدي افهم مين سماهون ضلق قاصر؟؟؟؟
الثلاثاء ديسمبر 06, 2011 12:44 am من طرف memo1991
» الزواج المبكر
الثلاثاء ديسمبر 06, 2011 12:36 am من طرف memo1991
» كنت أظن وكنت أظن وخاب ظني
الثلاثاء ديسمبر 06, 2011 12:29 am من طرف memo1991
» محاضرات مبادئ القانون سنة 1 فصل 1
الثلاثاء ديسمبر 06, 2011 12:22 am من طرف memo1991
» علمتني الحياة
الثلاثاء ديسمبر 06, 2011 12:18 am من طرف memo1991
» تعالوا شوفوا كذب الرجال وأسبابها
الثلاثاء ديسمبر 06, 2011 12:16 am من طرف memo1991
» عقوبة الكذب عند النمل ____خذ العبرة يا ....
الثلاثاء ديسمبر 06, 2011 12:08 am من طرف memo1991
» محاضرات أساسيات المحاسبة1 سنة 1 فصل 1
الأحد ديسمبر 04, 2011 10:21 pm من طرف yuser
» محاضرات مبادئ التسويق س1 ف1 المحاضرة1
الأحد ديسمبر 04, 2011 10:18 pm من طرف yuser
» المحاماة
الأحد ديسمبر 04, 2011 4:09 pm من طرف memo1991
» سؤال هام
الأحد ديسمبر 04, 2011 4:08 pm من طرف memo1991
» حركات يحبها الازواج
السبت ديسمبر 03, 2011 10:17 pm من طرف ليمونة الحلوة
» المحاماة
السبت ديسمبر 03, 2011 4:09 pm من طرف memo1991
» دمشق تبكي
الجمعة ديسمبر 02, 2011 1:26 pm من طرف memo1991
» قصة تذكرنا بحوادث كثيرة في حياتنا
الجمعة ديسمبر 02, 2011 1:20 pm من طرف memo1991
» شو أخبارك..!؟
الخميس ديسمبر 01, 2011 4:13 pm من طرف memo1991
» بشرى أكثر من سارة:دراسات عليا للتعليم المفتوح لجميع الاختصاصات
الخميس ديسمبر 01, 2011 12:53 am من طرف memo1991
» أيُ من العبارات تؤثر على جرحك
الخميس ديسمبر 01, 2011 12:42 am من طرف memo1991
» اعرف شخصيتك من عدد حروف اسمك
الخميس ديسمبر 01, 2011 12:38 am من طرف memo1991
» كيفية سرقة ايميل صديقك بدون اي برنامج وبسهوله تامه !!.. (مجرب 100%)
الخميس ديسمبر 01, 2011 12:14 am من طرف memo1991
» قسم إدارة المشاريع
الأربعاء نوفمبر 30, 2011 9:12 am من طرف muh.drg
» محاضرات ادارة العمليات والانتاج,ادارة اعمال س2
الأربعاء نوفمبر 23, 2011 10:32 pm من طرف nour89
» محاسبة دولية بالانكليزي
الأربعاء نوفمبر 23, 2011 6:45 am من طرف boushra_84
» التعلم السريع للغة الإنكليزية<<مع المدرب رامي العصيري>>
الأربعاء نوفمبر 16, 2011 4:32 pm من طرف التعلم السريع للإنكليزية
» محاضرات ادارة اعمال جامعة تشرين تعليم مفتوح 2010.2011
السبت أكتوبر 15, 2011 1:59 pm من طرف komait
» الكعبة الحالية ليست الكعبة الحقيقية
الجمعة أكتوبر 14, 2011 3:17 pm من طرف charkisad
» سؤال
الجمعة أكتوبر 07, 2011 9:15 pm من طرف MARWAASH
» هل ترغب بتحدث الإنكليزية بأربع أسابيع فقط؟؟؟
الخميس سبتمبر 29, 2011 7:09 pm من طرف التعلم السريع للإنكليزية
» الشوكولا افضل علاج للسعال
الثلاثاء سبتمبر 27, 2011 9:57 pm من طرف ليمونة الحلوة
» طلب ورجاء عاجل
الإثنين سبتمبر 26, 2011 9:41 pm من طرف محب الدين